2-
فبدعوى الحاجة إلى العمل خرجت المرأة المسلمة سافرة،
ومتبرجة بزينة، واختلطت بالرجال من غير المحارم في ساحات
التعليم، والعمل، وفي الأندية والمطاعم والمقاهي ودور
اللهو – إلا من حرم ربك – ولا يخفى على عاقل مخاطر ذلك
الاختلاط ومفاسده، خاصة وأنه يصل أحياناً إلى حدود الخلوة
المحرمة التي نهى عنها رسول الله – صلى الله عليه وسلم-
بقوله الشريف: "لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم".
ومثل هذا الاختلاط مدخل من مداخل الشيطان يجر المسلم
والمسلمة إلى معاصي الله الصغيرة والكبيرة إن لم يصل إلى
الاعتداء على الأعراض بين المتزوجين والمتزوجات وهي كبرى
الكبائر والله تعالى ينهى عن مجرد الاقتراب منها فيقول –
وقوله الحق-: " وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ
فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً " (الإسراء:32).
والإسلام لا يمنع عمل المرأة إذا اقتضت الحاجة إلى ذلك على
أن تخرج إلى المجتمع محتشمة بحجابها الشرعي، متجملة
بحيائها ووقارها واتزانها وعفتها، وبوضع الحدود الواجبة في
التعامل مع الرجال من غير محارمها.
والإسلام يدعو المرأة إلى طلب العلم بقول رسولنا – صلى
الله عليه وسلم-: "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة"،
ولكن عليها أن تحترم ساحات التعليم بحشمتها ووقارها
وحيائها، وأن تتعلم العلوم المناسبة لفطرتها ولدورها في
الحياة كمربية بيت، وزوجة، وأماً، ومربية للأجيال. وهناك
أعمال كثيرة من صالح المجتمع المسلم أن تقوم بها النساء
دون الرجال من مثل تعليم البنات من مرحلة الحضانة إلى
المرحلة الجامعية، وكذلك تطبيب وتمريض النساء وعمليات
التوليد ورعاية الطفولة والأسرة وغيرها.
وصوت المرأة ليس بعورة لأن نساء النبي – صلوات الله وسلامه
عليه ورضى الله عليهن جميعاً – كن يُكَلِّمن الصحابة
وكانوا يستمعون منهن أحكام الدين، والمرأة التي ردت على
أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله تعالى عنه – تكلمت
في المسجد وفي حضرة الرجال ولكن في هذه الحالة لا يجوز
للمرأة المسلمة ترخيم صوتها وترقيقه أو المبالغة في ذلك
لقول ربنا – تبارك وتعالى – آمراً نساء خاتم أنبيائه
ورسله:
" يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ
النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ
بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ
وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْروفاً " (الأحزاب: 32).
والأمر لنساء رسول الله أمر لكل مسلمة تؤمن به وتتبع دينه
وتحيي سننه صلى الله عليه وسلم.